- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-03-24
خمسون مواطناً من يهود اليمن رفضوا الأستجابة لتحريض الوكالة اليهودية لمخطط ترحيلهم نحو فلسطين ، وفضلوا البقاء في وطنهم اليمني ، بإعتبارهم مواطنين يمنيين مثلهم مثل باقي أهل اليمن ، يواجهون المتاعب وعذابات الحرب البينية المشتعلة بين طرفي الصراع المقيت كأدوات لصراعات إقليمية لا ذنب لهم فيها ، ولا إنحياز لهم لمن يدعي أنه داعم للسنة ، ولمن يدعي أنه مساند للشيعة ، فالصراع سياسي بإمتياز فُرض على أهل اليمن ويدفعون ثمنه بلا أي مكسب يمكن أن يتحقق سواء إنتصر هذا الفريق أو ذاك ، والحصيلة هو دمار اليمن وخرابه وترك فجوة من الحقد والكره بين معسكري أبنائه لسنوات طويلة ، بدون أن يحقق أحدهما أهدافه السياسية المطلقة وها هو وفد الحوثيين في الرياض يثبت عدم الأنتصار وعدم الهزيمة لأي منهما أمام الأخر .
فشلت الوكالة اليهودية ، في دفع خمسون مواطناً يهودياً من ترك بلدهم اليمني والرحيل عنه ، بينما نجحت في إقناع سبعة عشر يمنياً يدينون باليهودية ، ونقلهم بشكل سري إلى فلسطين تحت غطاء الحرب اليمنية المدمرة لكل ما هو حي على أرض اليمن ، بدون تمييز بين من هو مسلم أو يهودي ، سني أو شيعي ، ومع ذلك ، ورغم الخراب والموت الذي يسود اليمن بسبب الحرب ، مع ذلك أصر هؤلاء من مواطني اليمن مواصلة الأخلاص لوطنهم والأنحياز لخيار مواطنتهم مهما كان الثمن ، إذ لا يعتقد هؤلاء أن هناك بلداً أخر أو وطناً بديلاً يُوفر لهم الملاذ والأستقرار والطمأنينة ، غير بلدهم اليمن الذي ولدوا فيه وعاشوا على أرضه ومع أهله المواطنة والشراكة ، ولا زالوا .
الخمسون مواطناً يهودياً من أهل اليمن من يحترم خيارهم ؟ ومن يُقدر عدم رغبتهم في الرحيل عن بلدهم ؟ ومن يقف أمام صلابة رفضهم بالرحيل إلى فلسطين ؟ ومن ينظر لهم بعين المسؤولية لأنهم رفضوا الأستجابة لمشروع الصهيونية وأداتها الوكالة اليهودية في تجنيدهم وتنظيم نقلهم إلى فلسطين ؟ ومن يضمن لهم الأمن على حياتهم ؟ من يقف أمام هذا الحدث ، مهما بدا بسيطاً ومتواضعاً ، في غمرة حروب العرب البينية ، وفي ظل مأزق التناحر الأسلامي إسلامي ، والذي يأخذ في طريقه إشاعة الموت والهلاك لكل ما هو أخر سواء كان مسيحياً أو يهودياً ، كردياً أو أشورياً ، أو أي مكون أخر غير العرب ومن غير المسلمين !! .
هؤلاء من أهل اليمن مثلهم مثل يهود البحرين وتونس والمغرب هم جزء من شعبنا العربي ، وهم من قوميتنا العربية ، هم جزء منا ونحن إمتداد لهم ، لا فضل لأحد منا على الأخر ، فكلنا موحدين ، لنا إله واحد نقر به ونعبده ، وهو إله سيدنا موسى ، كما هو إله سيدنا عيسى ، وهو نفسه إله سيدنا محمد إذا كنا مؤمنين حقاً ، إله اليهود والمسيحيين والمسلمين ، هو إله واحد لا غيره .
لقد نجحت الصهيونية في تجنيد بعض اليهود ، ولكنها فشلت في تجنيد كل اليهود ، وترحيلهم إلى فلسطين ، على خلفية الجرائم والمذابح التي إرتكبها النازيون الألمان والفاشيون في إيطاليا بحق اليهود ، وإستغلت ذلك ووظفته لجعل وجهة اليهود نحو فلسطين وجعلها وطناً قومياً لليهود ، هرباً من أوروبا ، ومع ذلك لم يرحلوا جميعاً إلى فلسطين لأن جزءاً كبيراً منهم رحل إلى أميركا ، ولذلك علينا أن نتحلى بالشجاعة والأقرار بعدم تحميل كل اليهود مسؤولية إستعمار فلسطين وتشريد نصف شعبنا من أرض وطنه ، أسوة بعدم تحميل كل المسلمين جرائم تنظيمي القاعدة وداعش سواء بحق المسلمين أو بحق غيرهم .
فالصراع على أرض فلسطين ، هو صراع سياسي بين المشروع الأستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وبين المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، وعنوانه مفردتان هما الأرض والبشر ، وقد إستطاعت الصهيونية ومشروعها الأستعماري إحتلال كل الأرض على كامل فلسطين ، ولكنها لم تستطع طرد كل الشعب العربي الفلسطيني عن كامل وطنه ، وهي إستطاعت إقناع وتجنيد وجلب جزءاً من اليهود ، ولكنها أخفقت في كسب كل اليهود لمشروعها الأستعماري على الأرض الفلسطينية ، فيهود أميركا أكبر عدداً من يهود فلسطين ، ولذلك تبرز أهمية رفض ما تبقى من يهود اليمن في الرحيل إلى فلسطين ، وهذا ما يجب الأهتمام به وإعلاء شأنه والتركيز عليه رفضاً للمشروع الصهيوني ودعماً للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ، وعدالة نضاله ومشروعية حقوقه وأهدافه وتطلعاته .