أُعلن عن تشكيل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم ما يسمى اعلاميا بـ"داعش" بعد اعلان التنظيم سيطرته الكاملة على محافظتين في سوريا والعراق، الرقة والموصل، بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ومشاركة اربعين دولة بداية وتوسع الى ستين دولة او اكثر، كما زعم الناطقون باسم وزارات الحرب الغربية وتوابعها في المنطقة ونشرته وكالات الانباء بمختلف اللغات.وتم قصف المناطق السورية والعراقية، بموافقة الحكومتين او بدونها، وبتنسيق او بغيره، وفي كل الحالات دون قرار من مجلس الامن الدولي، وهكذا تمت العمليات والاجتماعات والاعلانات بطرق تعرض روح التآمر والغطرسة واستخدام القوة كمصدر لفرض سياسات التحالف العسكري الجديد في مجراها ومسراها. وعانت المناطق التي دخلها داعش او قصفت الى ما عانته منهما وما زالت.
وزع التحالف مهامه، العسكرية الميدانية، وحتى تقديم المساعدات الإنسانية!، والدعم اللوجستي والمالي، وغيرها، واصدر بيانات عنه وعن الاجتماعات الكثيرة التي عقدها في العديد من العواصم الاوربية والعربية. وأكدت تصريحات مسؤوليه وغيرهم على ان المحنة لا تطول وان كثرة الدول المشاركة بالعمليات الميدانية العسكرية، ونوعية السلاح المتقدم المستخدم فيها، والتنسيق المعلوماتي الإستخباراتي بينها، والآلة الاعلامية المصاحبة لها، عامل رئيس في التفاؤل بشأن مصير العمليات، وقدرتها على الحد من شراسة التنظيم الإرهابي وتحجيم رقعته الجغرافية التي يسيطر عليها بين الأراضي السورية والعراقية ومن ثم القضاء عليه كما هو الهدف المعلن من التحالف وأعضائه او من هلل له وقدم له الكلف المالية وفتح اراضيه ومطاراته العسكرية للعمليات العدوانية، وجهز أجهزة اعلامه ومرتزقته للترويج له وغسل الادمغة وتشويه الوعي والعقل. إلا أن نتائج أداء التحالف الدولي بعد كل هذه الفترة كان متواضعا للغاية، بل كان مخيبا للآمال بحسب العديد من المراقبين العسكريين، مقارنة بما يقدم عنه او يصرح به. فـطبقا لما حصل الى الان، زادت المساحة الجغرافية التي سيطر عليها التنظيم الارهابي، شاملا مساحة واسعة من الارض العراقية، من ضمنها مدينة الرمادي العراقية (قبل اعادتها او اغلبها تحت سيطرة السلطة العراقية)، ومدينة تدمر السورية الاثرية، ( قبل ما حصل مؤخرا) والتي دخلهما التنظيم بالرغم من استمرار غارات التحالف ضد مواقعه ومسلحيه، وإعلانه دولته التي اخذت وسائل اعلامه الموزعة في اغلب المدن والعواصم الغربية والعربية، لا سيما الخليجية، بترديد ما يريده وما يقوم به وإعادة النشر له ولما يخطط له او يصب في خدمته وأهدافه.
مراجعة تصريحات مسؤولي التحالف المدنيين والعسكريين وتوابعهم في المنطقة، منذ بدء العمليات، تفيد بان ما تم تنفيذه من آلاف الغارات، ومقتل آلاف الارهابيين من تنظيم داعش، واستخدام آلاف القذائف والصواريخ ضد تنظيم "داعش" ومواقعه لم تنه ما سمي بالهدف للتحالف او تحد منه. واغلب الإحصائيات التي صدرت من المسؤولين العسكريين الامريكيين يكشف ثمة ما يعري النوايا الفعلية لكل ما تم من تسميات وتحالفات، فضلا عن اجندتها العسكرية التي وضعتها امام اطار زمني بعيد المدى يمتد من 3 سنوات لعشر سنوات، وبعضهم اضاف الى ثلاثين سنة. وهذا في النهاية يفضح البدايات والأسباب التي اوجدت التنظيم وخططه وما تحقق له فعلا على الارض وإشغال المنطقة وأوهام وأحلام بعض حكامها وخيالاتهم المعقدة في مصائر الشعوب والبلدان.
جاء التدخل الروسي وما حققه كشفا لكل خطط التحالف الدولي، رغم كل الصخب والعويل منه، من جهة والادعاء والتشويش على عمليات تنسيق واتفاق بين الجانبين الروسي والأمريكي حينها، من جهة اخرى. بينما لم تكتف الادارة الامريكية بدعم المجموعات المسلحة وتوريد صواريخ وإمدادات نوعية، أمريكية الصنع او مختلفة المنشأ، في سوريا، وقصف مواقع عسكرية عراقية او اسقاط اسلحة ومعدات لمقرات معروفة لـ"داعش"، والإعلان عن خطئها بعد فضحها، وكانت وكالات انباء غربية اساسا وتوابعها العربية قد ذكرت، إن إمدادات جديدة وصلت منذ أن بدأت القوات الروسية والحكومية هجومها عليها. ومن الجدير بالذكر أن عددا من الجماعات المسلحة يجري تزويدها بالأسلحة عبر تركيا والأردن، رسميا وعلنا، وتمكنت وسائل اعلام من نشر صور لها ونوعياتها ومصادرها، في إطار برنامج قدمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأخواتها. والفضيحة في انضمام بعض تلك المجموعات بأسلحتها الى "جبهة النصرة" ومن ثم تحالفاتها المتقلبة.
مما يعني ان التدخل العسكري الروسي وما نتج عنه كشف ما كانت تدعيه وتزعمه دول التحالف وقيادتها من خطط عدوانية وخدع سياسية وابتزاز ونهب للثروات وتدمير للمؤسسات والبنى التحتية للبلدين، سورية والعراق، وهذا ما عرى اهداف التحالف الدولي، منذ تأسيسه وإعلانه وحتى اليوم ايضا. كما ان ما تم على الارض من متغيرات اساسية فضح الاصوات النشاز التي تخادمت مع الهجمة الاعلامية عليها واعتبارها ووصفها بشتى الاوصاف السياسية المعروفة، ولاسيما ان الاغلب فيها لم يتجرأ ويردد مثلما كان يطرح حول كل ما قام به التحالف الدولي وإطرافه والمتخادمين معه، خصوصا في المنطقة.
أوضح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف أن وسائل الاستطلاع الروسية اعترضت مكالمات عديدة تدل على بدء عملية تفاوضية بين قادة عدة فصائل كبيرة منضوية تحت لواء "جبهة النصرة" من جهة، وقادة تنظيم "داعش" من جهة أخرى، حول إمكانية توحيد الصفوف في وجه هجمات الجيش السوري.وأوضح أن إعداد الخريطة جاء على أساس المعلومات الاستطلاعية الخاصة بالجانب الروسي والمعلومات التي تحصل عليها موسكو من مركز التنسيق العملياتي في بغداد. وأكد أن هذه الخريطة التي تبين المواقع الخاضعة لسيطرة "داعش" و"جبهة النصرة" من جانب، والمناطق التي يسيطر عليها الجانب السوري من جانب آخر، تم تسليمها لجميع الملحقين العسكريين المعتمدين في موسكو، خلافا لما امتنعت عنه الولايات المتحدة وحلفائها بهذا الصدد.
سحب بعض القوات الروسية مؤخرا، ضمن اطار الخطط الروسية السورية المتفق عليها، زاد الامر وضوحا، وسلط الاضواء على سياسات التحالف الدولي ومحاربته المخادعة للتنظيم الارهابي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف