- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-04-17
أثار قرار قطع مخصصات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين (وقبلها مخصصات الجبهة الشعبية) من الصندوق القومي في م.ت.ف، إستهجان القوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني والرأي العام في الحالة الفلسطينية، بإعتباره قراراً إستبدادياً، تجاوز من خلاله صاحبه مسؤولياته وصلاحياته، وادعى نفسه ما هو ليس له، وتعامل مع الصندوق بإعتباره أداة من أدواته في الضغط على هذا، وتصفية الحسابات مع ذاك، بدلاً من أن يكون الصندوق، كما هو في الأساس، وسيلة من وسائل تعزيز النضال الوطني الفلسطيني من خلال توفير بعض مستلزمات هذا النضال لفصائل المنظمة ومؤسساتها الشعبية ودوائرها المختلفة، في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني. الصندوق مؤسسة من مؤسسات م.ت.ف، لها قوانينها ولوائحها الناظمة وآليات عملها، ودوائرها المختلفة، ولا يجوز لفرد، مهما علت مسؤولياته، وإتسعت صلاحياته أن ينتهك هذا كله، بقرار منفرد.
أموال الصندوق القومي هي أموال الشعب الفلسطيني، وليست أموال فصيل بعينه من فصائل م.ت.ف. مصدرها الضرائب التي يسددها أبناء الشعب الفلسطيني، وما يقدمه المانحون والإخوة العرب والأصدقاء من مساعدات للحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة في م.ت.ف. بالتالي هذه الأموال ليست ملكاً لفصيل، أو لشخص، أو لتيار، بل هي ملك لشعب فلسطين، يتم إستثمارها بموجب النظام، ووفقاً للنظام بالضرورة وليس وفقاً للأمزجة، وقرارات التفرد.
الحصص الموزعة على الفصائل الفلسطينية، قررها المجلس الوطني الفلسطيني، بإعتباره أعلى سلطة تشريعية، ولم يقررها شخص بعينه. وبالتالي ما يتم دفعه للفصائل، من أموال الصندوق ليس منة من أحد، ولا يستطيع أحد أن يدعى أنه صاحب المكارم والعطاءات، التي يوزعها هنا وهناك لشراء الذمم، والأزلام والمحاسيب ويحجبها متى أراد، وعمن أراد، تلبية لرغبته أو بهدف «معاقبة» هذا وذاك.
وبالتالي، وبما أن مخصصات الفصائل في م.ت.ف. هي قرارات للمجلس الوطني، يصبح من واجب رئيس اللجنة التنفيذية، أن يكون مخلصاً لهذه القرارات، حريصاً على تطبيقها في الوقت الملزم، لا أن يتولى بقرار منفرد أن ينتهك هذه القرارات وأن يتلاعب بها، وأن يتخذ بدلاً منها قرارات معاكسة. فهذه مخالفة صريحة وفظة للقوانين والأنظمة وقرارات الإجماع الوطني.
وإذا كان البعض قد قرأ في قرارات حجب المخصصات رغبة في «معاقبة» هذا الفصيل أو ذاك، فالعقاب يجب أن يحل بمن تجاوز القرارات وانتهكها، وإستخف بالرأي العام الفلسطيني وبمؤسساته وقراراتها وأحل نفسه بديلاً لهذا كله، معتقداً أنه مصدر السلطات وأنه الجهة التي توزع هذه السلطات، وأنه مصدر الصلاحيات وصاحبها، وأنه هو الذي يوزع الصلاحيات. علماً أنه، مهما علت مرتبته، سيبقى صاحب صلاحيات محدودة، يرسم حدودها القانون والنظام، وبالتالي إن هو تجاوز هذا القانون وتجاوز هذا النظام بات الواجب مساءلته على هذه التجاوزات، بإعتبارها مخالفة تحتاج إلى تقويم، وإلى ردع، وإلى إعادة الأمور إلى نصابها.
في هذا السياق، من المفيد أن نتساءل، في هذه المناسبة، ما هو رأي «المحكمة الدستورية» التي تم تشكيلها منذ أيام، لتكون رقيباً على صحة القوانين التي تتخذها المؤسسات الفلسطينية المعنية. هل تملك المحكمة الدستورية، كما تمّ تشكيلها، الجرأة على وضع النقاط فوق الحروف، أم أنها شكلت فقط «لغاية في نفس يعقوب»، لتكون سنداً له في سياساته القائمة على الشخصنة ورد الفعل وتصفية الحسابات، بما في ذلك الذهاب إلى حد تجويع المناضلين والأسرى وأسرهم وأسر الشهداء والجرحى والمرضى والمعاقين والمتقاعدين الذين قدموا حياتهم كلها، وعاشوا حياتهم كلها من أجل فلسطين.
على الذين توهموا أنهم بقراراتهم الفردية سوف يحققون مرادهم أن يعيدوا النظر بهذه القرارات.
ونعيد ونكرر أن الصندوق القومي ليس إقطاعية لأحد، بل هو صندوق الشعب الفلسطيني، وفق أنظمته وقوانينه وآليات عمله كما أقرها المجلس الوطني الفلسطيني■