- الكاتب/ة : دانا سومبر
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-04-21
في مركز اللقاء الذي سيعقد في الكرملين في موسكو اليوم بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ستكون مسألة التسوية السياسية المستقبلية في سورية، بما فيها موضوع هضبة الجولان، الذي لا ينزل عن العناوين الرئيسة في الأيام الأخيرة. ومن المتوقع أن يطلب نتنياهو في اللقاء من الرئيس الروسي ألا يعطي مفعولاً لمطالبة الرئيس السوري، بشار الاسد، استعادة هضبة الجولان. لقد سبقت اللقاء مع بوتين جلسة حكومية خاصة، عقدت في هضبة الجولان في بداية الاسبوع في الذكرى السنوية الاولى لتشكيل الحكومة. وفي الجلسة أعد نتنياهو التربة للقاء مع بوتين حين قال انه "حان الوقت لتعترف الاسرة الدولية اخيرا بأن الجولان سيبقى تحت السيادة الاسرائيلية الى الابد". "لا أدري اذا كانت ستتحقق تسوية في سورية تحافظ على مصالحنا في ألا تكون قوات حزب الله وداعش في سورية"، اضاف نتنياهو في جلسة الحكومة في هضبة الجولان. "لقد نشر مبعوث الامم المتحدة الى سورية مسودة تسوية، المادة الاولى فيها هي أن تحكم سورية الجولان. لمن سنعيده؟ لداعش، لحزب الله ام لايران؟ هذه سخافة. حان الوقت لتستوعب الاسرة الدولية الواقع. قصة الجولان انتهت. سيبقى الجولان كله في أيدينا. لم تعد توجد مطالبة كهذه. يجب الاعتراف بأن سورية هي جملة من الجيوب المكونة من الاقليات المضطهدة. وهذا القول يستهدف رفع رسالة الى العالم كله وتعويد الاسرة الدولية عليها". "لقد كانت جلسة الحكومة في هضبة الجولان نجاحا مدويا في نظر نتنياهو"، قال، هذا الاسبوع، وزير كبير في الحكومة لـ "معاريف همغازين". "حصل نتنياهو على عناوين رئيسة في كل العالم وعلى اجماع في اسرائيل. انتبهوا الى انه حتى المعارضة لم تهاجم الخطوة، ولكن كالمعتاد لم يفهم احد لماذا نحتاج الى هذه التصريحات التي توقظ الدبب من سبات استمر 49 سنة، وكل هذا من اجل اللقاء مع بوتين". وكما هو متوقع، اثار قول نتنياهو جملة من التنديدات من جانب الاسرة الدولية. وكان اول من ندد بهذا هو الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، الذي قال في مداولات خاصة في موضوع اسرائيل في مجلس الامن في الامم المتحدة إنه "يذكر قرار مجلس الامن من العام 1981، والذي يقضي بأن ضم اسرائيل للجولان لاغ، وليس ساري المفعول حسب القانون الدولي". وبعد ذلك قال الناطق بلسان الخارجية الالمانية، مارتن شيفر: "هذا مبدأ اساسي للقانون الدولي وفي ميثاق الامم المتحدة في أن ليس لاي دولة الحق في أن تضم ارضا لدولة اخرى". ولاحقا قال الناطق بلسان الخارجية الأميركية، جون كيربي، ان "سياسة الولايات المتحدة في هذا السياق لم تتغير. مكانة هذه الاراضي يجب أن تتقرر في المفاوضات، والوضع الحالي في سورية لا يسمح بمثل هذه المفاوضات". "أصابع في العيون" ما يقف في خلفية تصريحات نتنياهو هو الخوف من ان تدرج اعادة هضبة الجولان في التسويات السياسية المستقبلية لاستقرار سورية. وذلك في ضوء المطالبة الاخيرة التي طرحها الرئيس السوري، بشار الاسد، في مداولات القوى العظمى حول وقف النار في سورية، وبموجبها يجب القول ان الجولان هو أرض محتلة من اسرائيل وانها في المستقبل ستعود الى الحكم السوري. يرى نتنياهو في التسوية السياسية مع سورية تهديداً حقيقياً على هضبة الجولان، ويخشى حتى من الاقتراح بأن تعطى الأرض كتعويض ما للأسد. في لقائه الاخير مع الرئيس براك اوباما في واشنطن، طلب نتنياهو الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية في هضبة الجولان، ولكن اوباما رفض الاستجابة لطلبه. ويثقل تصريح نتنياهو الان على العلاقات العكرة على أي حال بين الاثنين. من جهة من شأن التصريح موضع الخلاف ان يشدد الرغبة المتعاظمة لدى اوباما وادارته في الرد على افعال نتنياهو، والتي لم تجبِ حتى الان ثمنا سياسيا باهظا من اسرائيل. وبالمقابل، يعرف نتنياهو بأنه، الان، عندما يقترب اوباما من نهاية ولايته، فان هذا هو الوقت لخطوات تقرر الرأي العام في العالم بشأن هضبة الجولان وتعزز الدعم السياسي له في اسرائيل. "نتنياهو ببساطة يبحث عن ايران جديدة"، قال هذا الاسبوع مسؤول كبير في واشنطن. "احد لا يعتزم اعطاء الجولان لداعش او لحزب الله صباح غد، ولكن لدى نتنياهو التهديد هو دوما وجودي. ثمة سبيل للقيام بخطوات سياسية دون زيادة العداء تجاه اسرائيل". غير ان تصريحات نتنياهو في موضوع هضبة الجولان اثارت العجب حتى في اوساط مسؤولين كبار سابقين في جهاز الامن ممن يدعون بان هذه ليست الاستراتيجية التي يجب أن تتخذ مع روسيا. "عندي تجربة كبيرة مع الروس"، يقول اللواء احتياط غيورا آيلند، رئيس شعبة التخطيط سابقا في الجيش الاسرائيلي ورئيس مجلس الامن القومي سابقا. "الا نكون شركاء في القرار هو امر يغضبهم. في الماضي دعاني وزير الخارجية سيرجيه لافروف الى التزام النظام في موضوع معين، وعن حق. فقد قال لي: "اريد ان اكون شريكا في القرار والا اسمع عنه منك بعد أن تقرره". ان سلوك رئيس الوزراء هنا غريب. فاذا لم تنسقوا مع الروس التصريح قبل اللقاء مع بوتين، فلماذا تخلقون عداء إذن، واذا نسقتم – فلماذا لا تسكتون إذن؟ في هذه الاثناء انتم تغضبون السوريين. كل العالم يعرف عن اللقاء بين بوتين ونتنياهو، والان كل المعارضن والمنددين بالتصريحات سيتوجهون لبوتين كي لا يعطي نتنياهو شيئا في اللقاء". يقول آيلند انه لا شك ان هضبة الجولان يجب ان تبقى في يد اسرائيل. ومع ذلك فانه كما يذكر يختلف مع الحكومة الحالية في موضوع الطريقة التي تخرج فيها هذه الخطوة الى حيز التنفيذ. "التسويات السياسية لا تتخذ في خطوات علنية، ولا سيما في دولة صغيرة مثلنا، لان النتيجة ستكون دوما معاكسة. اذا كان نتنياهو يلتقي بوتين، فان الطريقة الصحيحة هي التوصل معه الى تفاهمات في المباحثات لا أن يضعه أمام حقيقة ناجزة. آسف على التكتيك وأعجب له. برأيي، ايقظنا الدب من سباته. عندما يريد المرء أن يحصل على شيء ما من العالم فان هذا لن يكون ابدا من خلال تصريحاته. ينبغي دفع أحد ما آخر ليصرح. كان ينبغي للبحث ان يكون سرياً، وكان يمكن لإسرائيل أن تتوصل إلى تفاهمات روسية وأميركية بأن يكون الجولان جزءا من دولة اسرائيل. اللواء احتياط، عاموس يدلين، رئيس معهد بحوث الامن القومي والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" يعتقد هو الآخر بأن تصريحات نتنياهو كانت خطوة خاطئة. وهو يقول: "كان لنتنياهو فرصة للحديث مع الأميركيين عن موضوع الجولان. عندما كان الجدال حول الاتفاق النووي مع إيران في ذروته، اقترحت أن تتوصل اسرائيل الى اتفاق موازٍ مع الأميركيين بالتوازي مع الاتفاق الايراني. اتفاق تكون فيه بالطبع رزمة أمنية، وفضلا عن ذلك تعويض سياسي ايضا، وأحد الاقتراحات التي اقترحتها كان موضوع الجولان. ومنذئذ كان واضحا أنه ليس هناك جهة يعاد اليها الجولان. كان يمكن طرح هذا في حينه، ولكن بالطبع هذا لم يحصل. ما يفعله نتنياهو هو ان يضع اصبعيه في عيني كل العالم. هذا يأخذنا الى الوراء. لا أحد يتحدث معنا عن الجولان منذ سنوات عديدة، وبعد هذا التصريح فان الجميع يعارضوننا. "وقت المال" اما المستشرق د. مردخاي كيدار فيعتقد بالذات أن خطوة نتنياهو عبقرية. "عندما فهم نتنياهو بأن الجولان سيكون العملة التي ستدفع للاسد، شعر بأن عليه أن يوقظ الرأي العام المؤيد للتصريح"، يقول. "منذ خمس سنوات تدور رحى حرب أهلية في سورية، ومن الواضح انه ليس هناك من يعاد اليه الجولان. يفهم نتنياهو بأنه حان الان هو وقت المال. "بالنسبة لبوتين، فهو تكتيك معروف الإعلان عن شيء ما قبل اللقاء من أجل تقييد المتحدث والقول: "بعد أن أعلنتُ لا يمكنني أن أتراجع لان جمهوري لن يغفر لي"، يضيف د. كيدار. هكذا فان نتنياهو سوغ عمليا قوله. العالم ايضا يعلهم بأن سورية لم تعد قائمة، وكل محاولات انعاش الاسد كحاكم لن تنجح. وعليه، فلا يوجد ما يدعو اسرائيل لتدفع ثمن الجولان. سورية تتفكك، ليس بسببنا، بل لانها منذ البداية لم تكن دولة طبيعية تقوم على اساس شعب. فيها جماعات قبلية، دينية، وطائفية لم تصبح أبدا شعبا، وعليه فان الدولة كتنظيم فرضت نفسها وخلقت دكتاتورية. الحدود لم يقررها ابناء سورية، بل الاستعمار البريطاني والفرنسي، حسب مصالحهما قبل مئة سنة، وعليه فان الدولة ليست مقدسة والحدود ليست مقدسة. "هذا هو المنطق الذي يقف خلف اقوال نتنياهو"، يضيف د. كيدار. "اذا كنا نترك هضبة الجولان، فهذه بداية الحرب القادمة".