تعتبر المرحلة الأولى من حرب فلسطين، امتدت حرب التطهير العرقي من 30 نوفمبر 1947 م، وهو تاريخ تصويت مجلس الأمم المتحدة لصالح إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وخطة الأمم المتحدة للتقسيم، إلى تاريخ إنهاء الانتداب البريطاني نفسه في 15 مايو 1948 م خالقا تغيرا حادا للتوازنات في فلسطين، وإعلان الحركة الصهيونية لدولة إسرائيل وتحوّل المواجهة لما يعرف بالحرب العربية - الإسرائيلية.
وعند نهاية الانتداب في سنة 1948، لم يكن اليهود يمتلكون سوى 5.8% تقريباً من أراضي فلسطين حصلوا عليها بثلاثة طرق رئيسية اما عن طريق المندوب السامي البريطاني و اما عن طريق الشراء من عائلات اقطاعية لبنانية و سورية و احيانا من فلسطينيين و اما بالاحتيال و الالتفاف على القانون العثماني و الذي كان لا يزال مطبقا و على اثر ذلك استطاعوا السيطرة على اخصب اراضي فلسطين منهين ذلك بالاحتلال و اغتصاب ما لم يستطيعوا السيطرة عليه من اراضي فلسطين . وعندما احتل البريطانيون فلسطين عام 1917 م، كان عدد اليهود 50 ألفا، وعندما غادروها كان العدد قد تضاعف 10 مرات فبلغ نصف مليون
اشترى اليهود أسلحة ومعدات من الجيش البريطاني في فلسطين ومن بينها 24 طائرة بمبلغ 5 ملايين جنية
تشكل هذه الفترة المرحلة الأولى من حرب فلسطين 1948، واشتبك خلالها عرب فلسطين والصهاينة، في حين كان من المفروض أن يتحمل البريطانيون مسؤولية حفظ النظام، ولكنهم تركوا المجال لليهود باحتلال أكبر جزء من فلسطين، ولم يتدخلوا إلا عرضيا.
بدأ الفلسطينيون بتنظيم لجان محلية للدفاع عن النفس وتوجهوا مع نهاية 1947 م إلى دمشق وبيروت والقاهرة للتزود بالسلاح والتدرب على استخدامه. وفي بداية 1948 م ورغم الانتداب البريطاني، كانت الوكالة اليهودية تسيطر عمليا على فلسطين إداريا وعسكريا. وبلغ تعداد جيش الهاجانا 35 ألفا بالإضافة إلى 10 آلاف مقاتل من وحدات الكومندوس البلماح وعصابتي الإرجون وشتيرن. في المقابل، لم يعد هناك بعد سحق الانتداب البريطاني للثورة الفلسطينية سوى 2500 من الثوار و4000 متطوع عربي وفلسطيني أطلق عليهم جيش الإنقاذ، والذين دخلوا على دفعات بقيادة فوزي القاوقجي. أي أنه حتى 15 مايو 1948 كان أمام كل فلسطيني أو عربي بسلاحه البسيط 6 يهود مزودين بكافة الأسحلة الحديثة البرية والجوية.
مع بداية 1948 حدث تفجيران متتاليان. تفجير السراي الكبير في يافا وقتل 26 بسيارة ملغومة، وتفجير فندق سميراميس بالقدس في 5 يناير، وقتل 20 فلسطينيا. وعرف لاحقا أن الهاجانا كانت وراء تفجير سميراميس.
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1948 قام الصهاينة بعشرات التفجيرات في المدن والقرى وقتل فردي على الطرق باستخدام المستعربين (الصهاينة المتخفين بزي عربي لتنفيذ عمليات خاصة). في حيفا وحدها وفي الأسبوعين الأخيرين من يناير، قتل المستعربون على الطرقات 100 فلسطيني.
في 15 فبراير، اتجهت وحدات من الهاجانا والبلماح لطرد الفلسطينيين من قراهم. وإسحاق رابين، ضابط البلماح الميداني، كان المشرف على طرد فلسطينيي قرية قيسارية في قضاء حيفا وتدميرها.
في تل أبيب، كان الأربعاء العاشر من مارس يوما حاسما بقيادة الهاجانا، حيث أنهوا مسودة الخطة التي وضعت فيها التفاصيل النهائية لكيفية طرد الفلسطينيين وأخذ أملاكهم.
كتب بن غوريون في مذكراته: "في كل هجوم يجب إيقاع ضربة حاسمة تؤدي إلى هدم البيوت وطرد السكان".
تقرر أن يقوم كل من القادة العسكريين آنذاك وهم عبد القادر الحسيني وحسن سلامة وفوزي القاوقجي بعمليات منفصلة، لم يكن هناك تنسيق وذلك ساعد الجانب الصهيوني. توجه عبد القادر الحسيني قائد منطقة القدس إلى دمشق طلبا للسلاح ولكن بدون جدوى. اشترى بعدها السلاح بعد رهن أرض جده وتوجه للدفاع عن قرية القسطل المشرفة على طريق القدس، واستشهد في تلك المعركة.
في التاسع من أبريل بدأت المرحلة الثانية لطرد الفلسطينين من القرى المجاورة للقدس والواقعة خارج حدود الدولة اليهودية حسب قرار التقسيم. هاجمت وحدة من عصابتي الإرجون وشتيرن بالتعاون مع الهاجانا قرية دير ياسين فجرا، وذبح الصهاينة حتى الظهر 100 فلسطيني. وكانت قرية دير ياسين تبعد 2-3 كم عن مكتب مدير البوليس البريطاني في القدس وعندما أخبروه أن هناك مذبحة تدور في دير ياسين، لم يتحرك وقال هذا ليس من شأني.
قامت القوات البريطانية بالانسحاب قبل شهر من موعد انسحابها، ودخل اليهود مباشرة مكانهم، واستلموا 2700 مبنى حكومي، و50 محطة قطار، و3000 كم من الطرق المعبدة، وعدة موانئ، و37 معسكر للجيش مليئة بالأسحلة وقطع الغيار.
طبرية
استكمل الجيش البريطاني انسحابه من طبرية في 18 أبريل بعد أن طرد 5 آلاف من سكانها العرب فاحتلها الصهاينة في اليوم ذاته.
حيفا
في حيفا استكمل الجيش البريطاني انسحابه ظهر 21 أبريل فاقتحمها 5000 مسلح من الهاجانا. يقول جيرالد جرين الشرطي البريطاني في زمن الانتداب البريطاني في فلسطين "من حيفا وباتجاه الشمال باتجاه لبنان كانوا يمرون من أمام مقرنا وكان مشهدا محزنا أن ترى كثيرا من العرب المساكين بعضهم في شاحنات أوسيارات مع أسرة فوقها وبعضهم يسيرون على الأقدام. سيل لا يتوقف من العرب الذين يخرجهم اليهود من حيفا في مشهد محزن للغاية، كان يمكن أن نوقف ذلك بما نملك من قوة عسكرية". وبالنتيجة هُجر من حيفا 5000 عربي من سكانها.
يافا
كانت يافا آخر مدينة يجري احتلالها، وحدث ذلك في 13 أيار/ مايو، قبل يومين من انتهاء الانتداب، في 13 أيار/ مايو هاجم 5000 جندي تابعين للهاغاناه والأرغون المدينة، بينما حاول متطوعون عرب بقيادة ميشيل العيسى، وهو مسيحي محلي، الدفاع عنها. خلال الأسبوع الأخير من أبريل اشتد القصف على يافا وطرد أهلها بحرا إلى لبنان وبرا باتجاه شرق فلسطين والأردن. كانت القوات الصهيونية تفرز الذكور من سن 10 حتى سن 50 في معتقلات مؤقتة، وتعدم مباشرة عددا منهم لإرهاب الباقين قبل نقلهم إلى معسكرات اعتقال مركزية. واستخدم المعتقلين في دفن جثث الفلسطينين لمنع انتشار الأوبئة. كما أجبروا على نهب ممتلكات المنازل العربية. إجمالا كان ثمة في يافا قوة دفاعية أكبر مما كان لدى الفلسطينيين في أي موقع آخر: 1500 متطوع في مقابل 5000 جندي يهودي، وقد صمدت المدينة ثلاثة أسابيع في وجه الحصار والهجوم الذي بدأ في أواسط نيسان / أبريل وانتهى في أواسط أيار/ مايو وعندما سقطت طرد جميع سكانها البالغ عددهم 50.000 نسمة.
أقوال المؤرخين
يقول ثيودور كاتس المؤرخ الإسرائيلي الباحث في المذابح الصهيونية:
"حدث مرات عديدة أن الجنود الإسرائيلين، الجنود المختارين، أخذوا عشرة من الشباب إلى وسط القرية وأطلقوا النار عليهم وقتلوهم كي يرى كل الناس ذلك فيهربون، وإذا لم يكن هذه كافيا كانوا يأخذون آخرين لقتلهم أيضا"
يقول آفي شليم، المؤرخ الإسرائيلي في جامعة أكسفورد
"الفلسطينون غادروا طواعية متوقعين عودة منتصرة. وجها آخر لهذه الرواية هي أن الفلسطينيين غادروا بأوامر من قادتهم لإخلاء الساحة أمام دخول الجيوش العربية. وأنهم تلقوا وعودا بأنهم بعد النصر العربي الكبير سيتمكنون من العودة إلى منازلهم. تلك هي الرواية الصهيونية التقليدية، وهي غير صحيحة على الإطلاق. وهناك كم هائل من الأدلة الملموسة التي تناقض هذه الرواية"
يقول إيلان بابيه المؤرخ الإسرائيلي في جامعة إكستر في بريطانيا:
"نصف الفلسطينيين الذين أصبحوا لاجئين، طردوا من منازلهم بحلول مايو 1948. ومن بين 530 قرية فلسطينية التي دمرت في نكبة 1948 فإن نصف هذه القرى هدمت قبل 15 مايو"
تصريحات فريق التحقيق الخاص بالنقب
"ثمة أراضٍ انتزعت بطرق غير مشروعة تماما من السكان العرب الذين أرغموا على ترك قراهم."
لم يرق الشك إلى ذهن الكولونيل دو غرير بأن اللاجئين قد طردوا من مناطقهم بواسطة قذائف الهاون اليهودية ونيران الرشاشات والبنادق. وهذه العملية اليهودية حصلت دون أن تواجه قواتها بمقاومة مسلحة.
وضع الكولونيل فرمويلن، المسؤول الأعلى لهيئة الأمم المتحدة في غزة، تقريره الخاص عن اللاجئين. واتفق مع الكولونيل دو غرير وفريقه بشأن أسباب النزوح أو الخروج العربي في الجبهة الجنوبية. فكتب الكولونيل فرمويلن قائلا: " وفقا لما رآه المراقبون، ونحن بمقدرونا أن نصرح بذلك أيضا، فإن الأعمال اليهودية في هذه المنطقة أجبرت العرب على الانسحاب من قرى عديدة"
حدثت مجازر في بلدة الدوايمة، فقد استولت على البلدة سرية تابعة لكتيبة الكوماندوس التاسعة الثمانين (89) والتي تألفت من عصابتي الإرغون وشتيرن. وقد نشر قدامى السرية قصة المجزرة. فهو يلاحظ أنهم لكي (يقتلوا الأطفال شقوا رؤوسهم وشجوهم بالعصي, فلم يوجد منزل واحد بدون جثث). وبعد قتل الأطفال ساق الجنود اليهود النساء والرجال إلى منازل كالقطعان، حيث أبقوهم دون طعام وبلا ماء ومن ثم عمدوا إلى تفجير المنازل بمن فيها من المدنيين البائسين.
الخطة دالت
التطهير العرقي لفلسطين
خطة دالت أو الخطة «د» هي خطة وضعتها منظمة الهاجاناه في فلسطين بين خريف 1947 وربيع 1948، كان الهدف من الخطة بحسب واضعيها السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينة وطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
تم مراجعة الخطة «د» في ديسمبر 1947 بعد خطة التقسيم التي اوصت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم وضع صورتها النهائية في 10 مارس 1948.
وفق الخريطة التي اقترحتها الأمم المتحدة في سنة 1947 سنرى أن فلسطين ستقسم عملياً إلى ثلاثة أجزاء: على 42% من الأرض سيقيم 818.000 فلسطيني دولة تضم 10.000 يهودي، بينما الدولة المقترحة لليهود ستمتد على ما يقارب 56% من الأرض، ويتشارك فيها 499.000 يهودي مع 438.000 فلسطيني، أما الجزء الثالث فكان كياناً صغيراً يحيط بمدينة القدس، خاضعاً لحكم دولي، نصف سكانه الـ 200.000 من الفلسطينيين، ونصفهم الآخر من اليهود
تم البدء بالخطة «د» في ابريل 1948 وذلك بعملية نحشون، بالرغم من أن نص الخطة ينص ان تلك الخطوة لم تكن من المفترض ان تطبق قبل خروج البريطانيين من فلسطين، الامر الذي تم مع بداية 15 مايو 1948.
وعلى خلفية الافكار السوداء كانت سياسة الترانسفير، والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ما سمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة " دالت "، تلك الخطة التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية واوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم، وهو الامر الذي كشفه عدد من المؤرخين الجدد اليهود من أمثال بيني موريس، وشيما فلابان، وآفي شلايم وايلان بابيه . خطة " دالت " تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها اسرائيل 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين وترتب عليها تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة.
من اقسام هذه الخطة وعملياتها ما يلـي:
عملية نحشون (5 - 15 ابريل) 1948
عملية هارئيل (15 - 20 ابريل) 1948
وكانت هاتان العمليتان تهدفان إلى احتلال وتدمير القرى الفلسطينية على امتداد الطريق الواصل بين يافا والقدس.
عملية حامتس 25 أبريل لعزل واحتلال يافا والقرى المحيطة.
عملية يبوسي 26 أبريل لاحتلال الأحياء السكنية الفلسطينية في القدس الغربية والشرقية خارج حدود البلدة القديمة بالإضافة إلى القرى الواقعة في القرى الشمالية والشرقية.
عملية باراك من منتصف آذار-مارس وحتى شهر حزيران-يونيو وكانت تهدف لاحتلال القرى الواقعة غرب وجنوب مدينة الرملة.
عملية يفتاح 28 أبريل لاحتلال الجليل الشرقي بالكامل.
عملية مكابي 8 - 9 مايو لاحتلال وتدمير القرى المتبقية في السهل الأوسط بين الرملة واللطرون.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف