يذهب الرئيس الفرنسي هولاند الى مطالبة العربية السعودية لتقديم تنازل مجاني أخر للمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي وهو الاعتراف بـ “ اسرائيل “ أي بشرعية احتلاله لفلسطين ، وضمه لمدينة القدس ، والقبول به كما هو ، وبما وصلت اليه دباباته ومستعمراته ومستوطنيه الاجانب ومستوطناته على أرض فلسطين العربية الاسلامية المسيحية ، مقابل ماذا ؟ مقابل أن يقبل المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي الجلوس على الطاولة لبحث التطبيع والسلام !! أما حقوق الفلسطينيين في أرض وطنهم ، وعودتهم من مخيمات اللجوء الى المدن والقرى التي طردوا منها مرتين عام 1948 وعام 1967 ، واستعادة ممتلكاتهم وبيوتهم فيها ومنها وعليها في اللد ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع فهي متروكة لكرم الاسرائيليين المفقود أصلاً وسلفاً .
مبادرة السلام العربية ، قدمت تنازل جوهري مسبق في قمة بيروت عام 2002 ، حينما دعت قادة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي لترك الاراضي المحتلة مقابل الاعتراف والتطبيع والسلام ، ورهنت حق اللاجئين بالعودة وفق الرغبات والقرار الاسرائيلي بقوله وفق نص المبادرة “ حل متفق عليه “ لقضية اللاجئين أي حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بما يقبل به قادة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي ، وجاء رد شارون بعد أقل من 48 ساعة لصدور القرار في 28 أذار 2002 ، باعادة احتلال كافة المدن الفلسطينية التي سبق وانسحب منها جيش الاحتلال بشكل تدريجي وفق اتفاق أوسلو عام 1993 ، وبذلك يكون شارون قد أنهى ما تم الاتفاق عليه ، وألغى خرائط أوسلو وفرض حقائق جديدة باعادة الاحتلال وتطويق الرئيس عرفات في مكتبه ومنعه من التحرك والسفر حتى تمت تصفيته بالاغتيال المبين.
ولكن شارون نفسه الذي أعاد احتلال المدن الفلسطينية عام 2002 ، اضطر صاغراً لترك قطاع غزة عام 1995 بعد فكفكة المستوطنات ، وازالة قواعد جيش الاحتلال ، على وقع ضربات المقاومة الفلسطينية الموجعة .
لم تُحرك مبادرة السلام العربية ، بما حوت من استعداد عربي للاعتراف بشرعية الدولة العبرية في فلسطين ، والاقرار بالمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي ، وعدم الاصرار على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى بيوتهم التي طردوا منها عام 1948 ، لم تحرك الموقف الاسرائيلي عن غلواء تطرفه ورغبته العدوانية نحو التوسع والضم ومواصلة الاحتلال ، فكيف يمكن لورقة مجانية جديدة أن تؤدي دورها لزحزحة المستوطنين المتمكنين بالارض وبقرارات حكومة نتنياهو الاستيطانية ؟؟ .
ليس الطريق لاستعادة حقوق الفلسطينيين هي تقديم أوراق مجانية للعدو الوطني والقومي والديني اسرائيل ، وليس الطريق أيضاً اعلان الحرب والدخول بمغامرات عسكرية في مواجهة المشروع الاستعماري الاسرائيلي المتفوق ، بل المطلوب هو تقديم الدعم والاسناد لصمود الشعب العربي الفلسطيني على أرضه ، واحترام خياراته السياسية والكفاحية ، وتوفير أدوات نجاحه وانتصاره ، والعمل على تطويق المشروع الاسرائيلي وعزله ومقاطعته دولياً ، ومحاكمته أمام المحاكم الدولية على جرائم الحرب التي اقترفها ، بعد أن فقد الغطاء الاخلاقي ، والمبرر الانساني ، والتعارض القانوني ، لممارساته الفاشية ضد حقوق الانسان في فلسطين .
رئيس الوزراء الفرنسي ووزير خارجيته وعدا نتنياهو على تغيير قرار اليونسكو الذي قدم الوصف القانوني للحرم القدسي الشريف ، باعتباره مسجداً ، ومسجداً فقط لصلاة المسلمين ، لا يجوز للمسيحيين ولليهود دخوله أو ممارسة عباداتهم على أرضه وفي رحابه وداخل أسواره ، وهو يريد مجاملة الصهيونية واسرائيل واليهود على حساب المسلمين ومقدساتهم وهذا لا يجوز قانونياً وانسانياً وسياسياً بكل المعايير والاعراف والمواثيق وقيم حقوق الانسان ، وها هي فرنسا تتمادى بمطالبة العربية السعودية كي تعترف بالمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي مجاناً ، أما بشأن حقوق الفلسطينيين فهي مؤجلة لا قيمة لمضمونها ولا اعتبار لها ، ولا توقف أمام معاناة الفلسطينيين الذين يواجهون الفقر والعازة وعدم الاستقرار خارج فلسطين ، والمعاناة نفسها لمن هم داخل فلسطين ، بسبب التمييز والعنصرية في مناطق 48 ، والاستيطان والحكم العسكري وغياب الامل عن الغد لفلسطينيي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967 .
نضال الفلسطينيين ستواصل ليس بسبب المغامرة وحب الموت ، بل لأنهم يحبون الحياة ويصرون على معيشتها بكرامة في بلادهم مثلهم مثل كل الشعوب الامنة المستقرة وفق المعايير والقوانين والاعراف الدولية الثابتة والمستقرة .

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف